gooplz

مصطفى بن صالح :الاعتقال السياسي قضية طبقية وليس مؤامرة هوليودية - جريدة صوت الشعب

مصطفى بن صالح :الاعتقال السياسي قضية طبقية وليس مؤامرة هوليودية - جريدة صوت الشعب



الاعتقال السياسي قضية طبقية وليس مؤامرة هوليودية

الاعتقال السياسي قضية طبقية

وليس مؤامرة هوليودية

إحدى الهيئات المناضلة المعروفة بالسبق
النضالي المتميز دفاعا عن حقوق الإنسان بالمغرب، راكمت ما يكفي من الأخطاء
وجُرّت رجلها للمنزلقات الخطيرة، عبر تكريس بعض الممارسات الصبيانية غير
المحسوبة، لبعض الأعضاء الشباب، حيث تـُرك الحبل على الغارب لتهوراتهم،
ولسوء تقديراتهم للتضحيات التي قـُدّمت من أجل إنشاء هذه الهيئة المناضلة،
ومن أجل فك الحصار على أنشطتها، وفرض مشروعيتها في الميدان.


الهيئة التي نخص كلامنا بها هي الجمعية
المغربية لحقوق الإنسان، هيئة معروفة بكفاحيتها الميدانية نصرة لجميع من
تعرض لخروقات ملموسة ومثبوتة، من طرف أي كان، وأية جهة، أو سلطة كيفما كان
نوعها، وكيفما كان وزنها.. خلال السنين الأخيرة وخلال المؤتمرين الأخيرين
تعرضت الجمعية لتجادبات سياسية بين الفعاليات السياسية التي ساهمت تاريخيا
في تشكيل الجمعية وفي ضمان استمراريتها، ونقصد بذلك حزبي “النهج
الديمقراطي” وحزب “الطليعة الديمقراطي”.. حيث كان أساس هاته التجادبات،
النقاش والصراع بين منظورين، منظور يركز عن الفعالية والكفاءة، لقيادة
وتسيير الجمعية محليا ومركزيا، ومنظور آخر اتجه للقاعدة الانتخابية
والاختيار السري الحر لمندوبي المؤتمرات ولمكاتب الفروع والمكتب
المركزي..الخ وفق قانون الأغلبية.


احتد الصراع وانسحب أعضاء حزب “الطليعة” من
المؤتمر الأخير، دون أن ينسحبوا من الجمعية، لتستمر الحروب الصغيرة في
الأسفل حول مكاتب الفروع المحلية، ولينزلق الجميع مرة واحدة في خطة الإنزال
والحشد واستعمال من “هبّ ودبّ” كسبا للأنصار.. ولتغيب بالتالي المراقبة
وتلغى الجودة والكفاءة والحنكة في ميدان ومجال محفوف بالمخاطر، يتطلب مستوى
عاليا من النضج ومن الإطلاع الجيد على القوانين وعلى ما يصطلح عليه عموما
بالثقافة الحقوقية ومختلف مرجعياتها.


على هذا الأساس وقعت الانفلاتات وهي
انفلاتات خطيرة لم يكن لها أن تقع لو اعتمدت الجمعية، حسب رأينا، على مبدأ
الكفاءة والنضج وروح المسؤولية.. فعلى مدار تجربتين محليتين بمدينة طنجة
مثلا، دخل السجن ثلاثة أعضاء من المكتبين الأخيرين، اثنين بتهمة “التزوير
والتهجير” ـ أيمن الحداد ورشدي العولة ـ والثالث بتهمة “البلاغ الكاذب حول
جريمة لم تقع” ـ وفاء شراف ـ

خلال المتابعة للملفين حاول البعض من
أصدقاء وعائلات ورفاق الموقوفين تحوير الملفين، وإعطاءهما الطابع السياسي
في خطوة غير محسوبة، والتي لا يقدر بعض المتصابين خطورتها على مصداقية
ومصير الجمعية.. فحين تصرح الرئيسة السابقة للجمعية بأن اعتقال “شراف”
يعتبر اعتقالا سياسيا فتلك قمة الكذب والافتراء والمزايدة، بل ويعتبر نصبا
واحتيالا باسم “النضال الحقوقي” حيث عجزت المدعاة “شراف” إثبات اختطافها من
طرف المخابرات بل وكذبت على الرأي العام من خلال تصريحاتها المتضاربة ممّا
سهـّل اعتقالها.


فقد كان حريا منها إن هي تعرضـّت حقا
للاختطاف من مجهولين، أن تشرح مصيبتها للرأي العام الذي سيتضامن معها بكل
تلقائية، لأنها مواطنة مغلوبة على أمرها.. بغض النظر عن كونها يسارية أو
حقوقية أو ناشطة احتجاجية.. ولن يكون من داعي للتلميح لأشياء أخرى تستهدف
بشكل خاص المناضلين والمناضلات، ولا داعي كذلك للبلاغات الكاذبة التي لن
تفيد في شيء. فلسنا في حاجة لإثبات طبيعة النظام البوليسي والاستبدادي
القمعي الدموي..الخ ولسنا في حاجة لشهادات الغالبية الساحقة من المواطنين
المغاربة عمّا يتعرضون له من إهانات وعنف وقمع وتعذيب داخل الإدارات
والمقاطعات والكوميساريات والسجون..الخ


فإذا كان لزاما علينا التضامن ومساندة “وفاء
شراف” في محنتها جراء “الاختطاف من طرف مجهولين”، والذي يتعرض له العديد
من المواطنين ذكورا وإناثا، يسرقون ويهتك عرضهم، ويضربون، وفي حالات يذبحون
بطرق همجية وبشعة.. فنحن نندد دائما بهاته الجرائم ونرجعها لأسبابها
الحقيقية، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. أما وأن نستعمل مسؤولياتنا
النضالية ومقاعدنا داخل هيئات جمعوية وسياسية كامتياز، لنبرر جميع أخطاءنا
ومنزلقاتنا باسم المؤامرة “المخزنية” التي تستهدفنا، فتلك لا تعدو سوى
صبيانية وانتهازية يجب محاربتها إلى آخر رمق.


فعوض تنبيه ما تبقى، وما تبقى كان أفظع،
يتجه البعض بشكل مقيت لجميع الأصوات التي تريد التصحيح، لخندقتها مع المخزن
ومؤامرات المخزن التي لا تستهدف سوى أنبياء اليسار المزيفين.. إذ لا يمكن
للمرء إلا أن ينحني للرفاق في حزب “الطليعة” على ما اتخذوه من مواقف جريئة،
تجاه المزورين وتجاه أصحاب البلاغ الكاذب لإعادة تربيتهم، ولإعطاءهم فرصة
أخرى لتقديم النقد الذاتي على ما فعلوه، وما ورّطوا به حزبهم المناضل
والجمعيات التي انتموا إليها.


فملف “وفاء شراف” ملف عادي يمكن التنقيص
بشكل كبير من مضاعفاته وتأثيراته إذا ابتعد البعض عن الممارسات الصبيانية..
حيث يتعلق الأمر بشابة حديثة العهد بالميدان النضالي الاحتجاجي، ليست
بالقيادية أو بالإطار الهام في هيئة من الهيئات، وبالتالي ما زال لها من
الوقت لتصحيح مسيرتها النضالية.. أمّا ما ينتظر من الملفات فيجب من الآن
على أصحاب نظرية المؤامرة الإعداد له، فما زالت ملفات “المتاجرة في
المخدرات” و”التمويل المشبوه لبعض الجمعيات” و”التشرميل في الجامعات”..الخ
آتية لا ريب فيها، ولن تنفع فيها المزايدات وتقمص حالات المظلومية..
فالملفات معروفة وتتداولها جميع موائد وطاولات النميمة في المقاهي والحانات
“الجذرية”.. وكلها ملفات تتربص بها المخابرات، لا محالة، وتنتظر اللحظة
المناسبة لاستعمالها في حق عناصر تتحمل المسؤولية في بعض مكاتب الجمعية..
أمّا سائر الأعضاء العاديين فحدّث ولا حرج..


فالحكمة تتطلب البحث والتدقيق في جميع
الادعاءات التي يصرّح بها أي كان من المناضلين والمناضلات، بعيدا عن مبدأ
“انصر أخاك ولو كان ظالما”، خصوصا في ملفات من هذا القدر وهذا الحجم.. فما
يعطي القيمة للمناضل هو قدرته وجرأته على النقد الذاتي وعلى انتقاد أقرب
الرفاق إليه حتى لو كان الرفيق في مرتبة تنظيمية أعلى.. أمّا إذا سوّلت
النفس للبعض اختراع الأفلام والمسلسلات البوليسية، بدعوى اليسارية والجذرية
كهوية لا يمكنها سوى جلب المتابعات والاختطاف والتعذيب والاعتقال.. فسنقف
ضده وسنشهر به قبل أن يوسخنا كتقدميين وكيساريين وكديمقراطيين.. لنقول له
مرة أخرى “إلعب بالنار بعيدا عنا أيها الحقير”.

مصطفى بن صالح


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة الإلكترونية